____________________
كما ظهر أن العدالة ليست من الأوصاف النفسانية، وإنما هي صفة عملية لأنها في اللغة - كما عرفت - هي الاستقامة وعدم الجور، وفي الشرع هي الاستقامة في جادته وإلى ذلك أشير في جملة من الآيات المباركة كما في قوله عز من قائل: فإن خفتم أن لا تعدلوا (* 1) وقوله: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء (* 2) لإضافة العدالة فيهما إلى الذات بلحاظ استقامتها في جادة الشرع وتطابق أعمالها لأحكامه.
وتوضيح ما ذكرناه: أن ترك المحرمات والآتيان بالواجبات قد يستند إلى عدم المقتضي لفعل الحرام أو ترك الواجب كما إذا لم تكن له قوة شهوية أو غضبية باعثة إلى فعل الحرام أو ترك الواجب ولم تكن له رغبة - في طبعه - إلى ايجاده كما في أكل القاذورات ونحوها من المحرمات، فإنه أمر قد يتفق فلا تكون للمكلف رغبة إلى فعل الحرام.
وهذا لا بد من أن يفرض في المحرمات أو في الواجبات غير العبادية، لعدم كفاية الاتيان بالواجب لا عن مقتض وداع إلهي يدعوا إليه في العبادات والوجه فيه غير خفي.
ثم إن ذلك مجرد فرض لا وقوع له أو لو كان متحققا فهو من الندرة بمكان وذلك لأن البشر لا يخلو عن القوة الغضبية والشهوية وهما داعيتان له نحو الحرام لا محالة على الاختلاف في مراتبهما. وكيف كان إذا فرضنا أن ترك الحرام مستند إلى عدم المقتضي لفعله لم يتحقق بذلك العدالة بوجه، لأن المكلف وإن لم ينحرف حينئذ عن جادة الشرع، إلا أنه لم يسلك جادته برادع عن المحرمات، وإنما سلكها لا عن مقتض لارتكابها وعدم موافقة المحرم شيئا من قواه، بحيث لو كان له مقتض لفعلها لارتكبها فمثله ليس بسالك لجادة الشرع وإن لم يكن منحرفا عنها
وتوضيح ما ذكرناه: أن ترك المحرمات والآتيان بالواجبات قد يستند إلى عدم المقتضي لفعل الحرام أو ترك الواجب كما إذا لم تكن له قوة شهوية أو غضبية باعثة إلى فعل الحرام أو ترك الواجب ولم تكن له رغبة - في طبعه - إلى ايجاده كما في أكل القاذورات ونحوها من المحرمات، فإنه أمر قد يتفق فلا تكون للمكلف رغبة إلى فعل الحرام.
وهذا لا بد من أن يفرض في المحرمات أو في الواجبات غير العبادية، لعدم كفاية الاتيان بالواجب لا عن مقتض وداع إلهي يدعوا إليه في العبادات والوجه فيه غير خفي.
ثم إن ذلك مجرد فرض لا وقوع له أو لو كان متحققا فهو من الندرة بمكان وذلك لأن البشر لا يخلو عن القوة الغضبية والشهوية وهما داعيتان له نحو الحرام لا محالة على الاختلاف في مراتبهما. وكيف كان إذا فرضنا أن ترك الحرام مستند إلى عدم المقتضي لفعله لم يتحقق بذلك العدالة بوجه، لأن المكلف وإن لم ينحرف حينئذ عن جادة الشرع، إلا أنه لم يسلك جادته برادع عن المحرمات، وإنما سلكها لا عن مقتض لارتكابها وعدم موافقة المحرم شيئا من قواه، بحيث لو كان له مقتض لفعلها لارتكبها فمثله ليس بسالك لجادة الشرع وإن لم يكن منحرفا عنها