كتاب الاجتهاد والتقليد - السيد الخوئي - الصفحة ١٦

____________________
وأما عدم كونه وجوبا نفسيا فلعله أوضح من سابقيه وذلك لأنه لا وجه له سوى توهم أن تعلم الأحكام الشرعية واجب بدعوى استفادته من مثل ما ورد: من أن طلب العلم فريضة (1) وقوله عز من قائل: فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (2) وغيرهما مما يمكن الاستدلال به على هذا المدعى كما ذهب إليه الأردبيلي " قده " وتبعه بعض المتأخرين إلا أنا بينا في محله أن تعلم الأحكام ليس بواجب نفسي وإنما التعلم طريق إلى العمل ومن هنا ورد في بعض الأخبار أن العبد يؤتى به يوم القيامة فيقال له: هلا عملت؟ فيقول ما علمت فيقال له هلا تعلمت؟ (3) فترى أن السؤال أولا إنما هو عن العمل لا عن التعلم ومنه يستكشف عدم وجوبه النفسي وأنه طريق إلى العمل وإلا لكان اللازم سؤال العبد أولا عن التعلم بأن يقال له ابتداء: هلا تعلمت. وتفصيل الكلام في عدم وجوب التعلم موكول إلى محله على أنا لو سلمنا وجوب التعلم فالحكم بالوجوب النفسي في تلك الطرق وجعل الاحتياط عدلا للاجتهاد والتقليد مما لا محصل له وذلك لأن الاحتياط إنما

(١) راجع ب ٤ من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضى به من الوسائل.
(٢) النحل: ١٦، 43، الأنبياء: 21، 7.
(3) هذه مضمون ما رواه الشيخ في أماليه قال: حدثنا محمد بن محمد يعني المفيد قال أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال سمعت جعفر بن محمد (ع) وقد سئل عن قوله تعالى " فلله الحجة البالغة " فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي كنت عالما؟ فإن قال: نعم قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلا قال: أفلا تعلمت حتى تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة. راجع تفسير برهان ج 1 ص 560 من الطبع الحديث وكذا في البحار ج 2 ص 29 و 180 من الطبعة الثانية عن أمالي المفيد.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... مقدمة 24 9 10 11 12 16 17 23 31 36 37 ... » »»
الفهرست