بالعلامات المقررة كالتطوق والخروج من الجانب الأيمن ومن جهة ما يظهر من الأخبار الكثيرة حيث حكم فيها بالتحيض بمجرد رؤية الدم، ولا يبعد أن يقال: إن كانت التحديدات الشرعية مبينة لنفس الدم المعهود وكان الدم ملازما لتلك الحدود غالبا تم ما أفيد، وأما إن كانت تلك الحدود حدودا لموضوع الآثار، كما لو رأت الدم وحصل لها القطع بكونه حيضا وانقطع بالعلاج أو بجهة أخرى، حيث لا يلتزمون بترتب آثار الحيض عليه، فبواسطة أصالة السلامة كيف يحرز الحيض ولعل الحكم في الأخبار بالتحيض بمجرد الرؤية كان احتياطا بملاحظة أهمية حرمة العبادات، ألا ترى أن المرأة ذات العادة تترك العبادة مع تجاوز الدم عن العادة وتلاحظ إن انقطع إلى العشرة تجعله حيضا وإن انقطع بعد العشرة تجعل أيام العادة حيضا وغيرها استحاضة، فالقدر المسلم الحكم بحيضية الدم الغير المقرون مع الموانع الشرعية الغير الفاقد للشرائط وعدم المانع وتحقق الشرط لا بد من احرازهما ومجرد الشك في المانع مع احراز المقتضى لا يكفي في ترتب الأثر على المقتضى لعدم الدليل عليه.
(ومع تجاوز العشرة ترجع ذات العادة إليها) فنجعل أيام العادة حيضا وما سواها استحاضة، هذا مع عدم معارضة التمييز بالصفات مسلم متفق عليه ظاهرا، ويدل عليه النصوص فإن اجتمع لها مع العادة تمييز وكانا متعارضين بأن اقتضت حيضية كل منهما نفى الآخر قيل كما عن المشهور: تعمل على العادة وقيل: على التمييز كما عن الخلاف والمبسوط وقيل بالتخيير كما عن ظاهر الوسيلة، قيل المتعين القول المشهور من جهة التصريح في مرسلة يونس الطويلة بتقديم العادة على الصفات وإن ذات العادة سنتها خصوص أيام عادتها، ومن جهة ما في موثقة إسحاق بن جرير من قوله عليه السلام - بعد قول القائل فإن الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: (تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين) (1) هذا وكلنه لا يستفاد من الموثقة تقديم العادة على التمييز