نجاسة الماء فلا تؤثر في تنجيس الملاقي، ألا ترى أن القذارات العرفية تخف بتعدد الوسائط فلا يعامل مع الملاقي للملاقى للقذر عندهم معاملته، بل يصل الأمر إلى حد يعاملون معه معاملة الطاهر، ثم إن تفسير الأكثرية بالاستهلاك مشكل لأنه خلاف الغالب بل الغالب مشاهدة أجزاء القذر في الماء، ويدل على النجاسة تغير الماء ابتداء الغسل غالبا، والظاهر أنه من المسلمات عندهم تنجس كل ماء تغير بأوصاف النجس، ثم إنه مع قطع النظر عن جميع ذلك نقول: هنا قاعدتان إحداهما في طول الآخر، الأولى: كل نجس منجس ومقتضاها منجسية القذر للماء المستعمل، والأخرى: كل متنجس منجس ومقتضاها تنجس الثوب الملاقي للماء المستعمل ونقطع بتخصيص إحداهما، ولا يوجب التخصيص في الأولى أكثرية التخصيص لأنه مع تخصيصها لا تخصيص في الثانية، بل لا تجري الثانية لعدم الموضوع مكان الطولية، ولكنه مع ذلك بعد ما كان مقتضى القاعدتين ترتيب جميع الآثار المترتبة عليهما لا يرفع اليد عن الآثار إلا بمقدار علم بحسب الدليل رفعه، لأنه لا يرفع اليد عن الحجة إلا بالحجة، ونتيجته العفو دون الطهارة فتأمل جيدا.
(ولا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة) ويدل على الحكم روايات، منها الموثق المروي في العلل: (إياك أن تغتسل من غسالة الحمام، ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم - الخ -) (1) ولا يخفى أنه يظهر منه أن النهي من جهة النجاسة، وعلى هذا فلا بد من الاقتصار إلى صورة العلم أو الاطمينان الذي هو بمنزلة العلم عند القلاء، ولو لم يكن ظاهرا في هذا فلا ظهور له في التعبد، ومنه يظهر الاشكال فيما في المتن.
(وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس [في الآنية] لما رواه إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على عائشة وقد وضعت