أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته. وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارة لن تبور، والذين هجرتهم العشائر، إذا تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القربات، إذا سكنوا في ظل قرابته. فلا تنس اللهم ما تركوا لكل وفيك، وارضهم من رضوانك... إلى أن يقول عليه السلام: اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا... " (121).
وأخيرا ندعو أبناء الصحوة الإسلامية للتأمل في هذه الأحاديث النبوية التي احتضنتها الصحاح السنية. فقد أخرج البخاري عن موسى بن إسماعيل، قال:
حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن أبي وائل، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك " (122).
وأخرج أيضا عن يحيى بن كثير، عن يعقوب بن عبد الرحمان، عن أبي حازم، قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " أنا فرطكم على الحوض، من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا. ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني. ثم يحال بيني وبينهم ".
قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا، فقال: هكذا سمعت سهلا؟ فقلت: نعم. قال وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه، قال: " إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك " (123).
وأما مسلم فأخرج هذا الحديث من طرق عديدة، منها: عن أبي بكر ابن شيبة وأبي كريب، وابن نمير، قالوا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن