الظاهرة " الشيعية " وذلك لأنها أقرب إلى المؤرخ " البهلواني " حيث لا تكلفه عناء البحث فيكتفي بالقشور، ويستنكف عن الغوص في الأعماق.
إنني لا أزال أتتبع حقيقة السبئية، حتى وجدتها أبأس " تلفيقة " في تاريخ الإسلام. بحيث سرعان ما تلاشى تماسكها، وتداعى صرحها التلفيقي. لينتهي إلى مصدر مجهول، كمجهولية " ابن سبأ " نفسه. والذين ربطوا بين التشيع والسبئية، ليسوا إلا مستهلكين لبضاعة أموية عتيقة. يقول د. إبراهيم بيضون:
" والسبئية، أسطورة كانت أم حقيقة، فهي على هامش التشيع ومتناقضة في الصميم مع الفكر الشيعي، بخلفيته السياسية البحتة ". ويضيف الباحث: " إني ما زلت أبحث عن هذا الشخص الأسطوري الهارب بين فجاج التاريخ " المفبرك " وأضرب الرأي هنا بالرأي هناك، عسى أن أحصل على جواب يشفي غليلي من الجهل ونهمي إلى اليقين، من هذه الأمية التاريخية. ويجعلني أعبد الله على يقين من أمري.
وبعد بحث تاريخي طويل وعميق، تتبع فيه الباحث شخصية هذا الرجل الأسطورية واكتشف خلفيات ظهورها وانتشارها. يقول: " وعلى هذا الأساس تنقشع غيوم " البؤس " التاريخي المتلبس بأيديولوجيا البلاط الأموي. وهكذا تنكمش " تلفيقة " السبئية، لتلقى على كاهل محرف وضاع، مرفوض الرواية، وهو سيف بن عمر، وتتوضح بعدها الأسباب التاريخية لنشوء " فكرة السبئية " وتنقشع الغيوم، ولا تنقشع على الذين ما زالوا ممسكين بالعظام التاريخية. لقد تبين لي أن في تاريخنا مبدعين، لا يعجزون عن حبك الأساطير في أرقى خيالاتها. لقد كان للسياسة في تاريخنا خيال، يظللها من الشموس الكاشفة.
وليست هذه أول خرافة، تلقى بهذا الشكل " التهريجي " على التشيع. بل هناك أخريات من تلكم الشبهات المحبوكة بالأصابع المأجورة والمسيئة،