وعمق شرخه بنو العباس واحتضنه حشوية الحنابلة، يوقدون ناره كلما أو شكت على الانطفاء.
إن هذا التراث الدموي اللاإنساني سترثه الدولة العثمانية من بين ما ورثت من ملك وسياسة في العالم الإسلامي. وستنطلق حفلات الدم من جديد، وكأن الأرض لم تشبع من هذا الدم الشيعي بعد. وعندما تبحث عن الأسباب والخلفيات تجد فقهاء يدعون الدفاع عن السنة والإسلام، متمركزين في مناصب، ويحتلون مقاعد، لا يمكنهم الاستمرار فيها إلا بإراقة الدم الشيعي البرئ. وقد كان ذلك وفي أغلب الأحيان يصادف هوى في صدر الحكام وأمراء الجيش، وعندما يجتمع الاستبداد السياسي بالاستبداد الديني تكون الطامة على المجتمع وعلى فئاته الفكرية والدينية المختلفة.
يقول سماحة آية الله الخالصي من علماء العراق: " كانت الحكومة لا تتحرج من استئصال الشيعة وقتلهم تحت كل حجر ومدر، وذكر في تاريخ السلطان سليم العثماني أنه كان لا يهتم بشئ أكثر من اهتمامه باستئصال الشيعة وإبادتهم، وأنه قتل بين سامراء وبغداد في العراق في يوم واحد خمسة وعشرين ألف رجل من غير ذنب سوى أنهم شيعة، وذكرت مؤلفات تركيا الحديثة: إن من أقوى أسباب زوال الدولة العثمانية عداءهم للشيعة وحربهم معهم. وصرح كتاب ألف حديثا باسم (شيعتك أباد ولده حركاتي) بأمور كانت خافية، تبين أن عوامل التخريب في الدولة العثمانية كادت تكون منحصرة في تعصب الدولة لأهل السنة ضد الشيعة، حتى أنها لم تكن تعترف لهم كمواطنين في البلاد. وكانت تقتل من تظهر له مرتبة علمية من الشيعة كالشهيد الأول محمد بن جمال الدين مكي، والشهيد الثاني زين الدين وأمثالهما.. " (70).