أبناء هاته المنطقة وفجأة، علماء وفقهاء ودعاة للإسلام وعقيدة التوحيد. ليس فقط ضمن مجالهم الجغرافي، الصحراوي الضيق، ولكن لأبعد من ذلك شرقا وغربا. حيث بدأت محاكمة الإسلام والمسلمين معا، انطلاقا من معارف هؤلاء الدعاة الجدد. فما ارتضوه حقا فهو الحق، وما جهلوه فهو الباطل الذي يجب أن يرفض ويزول بحد السيف. يقول الدكتور محمد عوض الخطيب:
" انطلقت الوهابية من نظرة خاصة للإسلام احتوت على الحد الأقصى من التزمت وضيق الأفق، مسيئة الظن بالمسلمين إلى درجة اعتبارهم، بشكل مسبق مشركين وكافرين (167).
وضيق الأفق والتزمت الذي عرف به دعاة الوهابية لم يكن بسبب المزاج الصحراوي فقط ولكن بسبب بساطتهم المعرفية وسذاجتهم الفكرية وضعف بضاعتهم في الفكر الإسلامي. يقول السيد محمد سليم الإسكندراني: " إني اجتمعت بكثير من علمائهم فوجدتهم من الجهل بمكان ومن العلم بمعزل (168).
وقد استغل ابن سعود هذا الجهل وهذه البساطة في فهم الإسلام عندما رسخ في أذهانهم أن حربهم للمسلمين مقدسة، حرب الموحدين ضد الكفار والمشركين وبذلك ضمن توسع مملكته وسيطرته على الحجاز وأطراف العراق والشام، وقد انتبه محمد أسد لذلك، عندما أشار إلى أن ابن سعود بقي قانعا بتعريف الإخوان إلى أبسط مبادئ الثقافة الدينية والدنيوية. والحق أنه لم يعرفهم إلى شئ من هذا، إلا بمقدار الذي بدأ ضروريا للحفاظ على حماستهم وغيرتهم، بكلمة أخرى لم ير ابن سعود في حركة الإخوان إلا وسيلة لبلوغه القوة واستتباب الحكم (169).