بالتفصيل الذي ارتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (162).
وهكذا تتم محاكمة تراث المذاهب الإسلامية بميزان وحيد وقاطع هو رأي ابن تيمية " السلف "، فما وافق رأي " شيخ الحنابلة " فهو رأي السلف الصالح وهو الحق المحض. وما خالف ذلك فهو ليس رأي السلف وهو الباطل المحض.
والدكتور المؤلف عندما يذكر آراء ابن تيمية ويصفها برأي " السلف " وقول السلف. إنما يؤكد ما توصلنا إليه في المقدمة عند التعاريف، بأن مذهب السلف ليس سوى آراء شيخ الإسلام ابن تيمية مضافة إلى المذهب الحنبلي.
وهذه الأمثلة التي جئنا بها ونحن نناقش مسألة التحريف. إنما تدخل ضمن هذا الباب - تحريف التراث - فعندما يقول المؤلف أن رأي السلف في هذه المسألة كذا، يتبادر لذهن القارئ العادي أنه يقصد الصحابة أو التابعين أو أئمة الإسلام ممن عاش في القرون الثلاثة الأولى من عمر الإسلام. لكن الحقيقة أن هذه الكلمة " السلف " لا تعني أكثر من " رأي ابن تيمية لا غير " وهذا تحريف وتزوير وتلفيق، بخلاف الحقيقة والواقع. وإيهام القارئ بصحة رأي " السلفيين " لأنه منسوب لأناس فرض أنهم أعلم، لأنهم أقرب عهدا برسالة الإسلام. والاستهانة برأي علماء المذاهب الأخرى عندما يعلم القارئ بأنها تخالف آراء السلف.
ونحن على يقين بأن دعاة السلفية اليوم لو تنازلوا عن لقب " السلف " وأتباع السلف، ودعوا لآرائهم ومعتقداتهم كما هي عليه حقيقة. آراء وأفكار فقهاء وأتباع المذهب الحنبلي وبالخصوص آراء ابن تيمية الحراني وتلميذه ابن قيم الجوزية، فإن أبناء الصحوة الإسلامية سيجدون أنفسهم أمام مجال واسع ورحب للاختيار والمقارنة بين اجتهادات العلماء وآرائهم في جميع المذاهب الأصولية والفروعية.