أحدهما عن الآخر ويلغو شرطية الآخر. كما إذا كان استقبال الجنوب شرطا فإنه يلغو شرطية استدبار الشمال، وكما لا يعقل شرطيتهما معا تعيينا، كذلك لا يعقل شرطية كليهما تخييرا، فإن شرطية أحدهما إلى بدل إنما تعقل في مورد انفكاك أحدهما عن الآخر لا في مورد تلازمهما، فينحصر الأمر في الثالث وهو كون أحدهما المعين شرطا والآخر معرفا. وهذا وإن لم يكن له ثمرة عملية، إلا أن الظاهر شرطية مسير يوم ومعرفية " الثمانية فراسخ "، لتعذر معرفة موافقة المسير لما هو المعتبر من سير القطار بين الحرمين. فكذا جعلوا له معرفا يسهل تناوله ومعرفته. وإنما قلنا بأن الظاهر شرطية مسير يوم لقوله (عليه السلام): " جرت السنة ببياض يوم " (1). ولما في رواية الفقيه: " إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر، لأن ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم الخ " (2). فإن ترتيب وجوب التقصير في مسيرة يوم يكشف عن أنه ليست حكمة وغاية محضة، بل واجب بالأصالة، وإن وجوب التقصير في ثمانية فراسخ، لأجل وجوب التقصير في مسيرة يوم، بل الأمر كذلك في قوله (عليه السلام): " إنما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ " (3)، فإنه كاشف عن أن العبرة بمسيرة يوم، وإنما عرفت بثمانية فراسخ لكذا والله أعلم. هذا كله في الأخبار المعينة لمسيرة يوم تارة، وللثمانية فراسخ أخرى وقد عرفت تلازمهما وأما الأخبار الظاهرة في التخيير كروايات: زرارة (4) ومحمد بن مسلم (5) وأبي أيوب (6) وأبي بصير (7)، فمقتضاها التقابل بين الأمرين لمكان العطف بأو، وهو مناف لتلازمهما وتوافقهما الذي دلت عليه النصوص، وقد حملها الشيخ المحقق
(٧)