أبو بكر الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله بعث محمدا نبيا وللمؤمنين وليا، فمن عليهم بكونه بين أظهرهم، حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أمورا ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين، فاختاروني عليهم واليا ولأمورهم راعيا، فوليت ذلك، وما أخاف بعون الله وتشديده وهنا، ولا حيرة، ولا جبنا * (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) * (1) وما أنفك (2) يبلغني عن طاعن يقول الخلاف على عامة المسلمين، يتخذكم لجا، فتكون حصنه المنيع، وخطبه البديع. فإما دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه، وإما صرفتموهم عما مالوا إليه، ولقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك، ويكون لمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله - وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا الأمر عنكم - وعلى رسلكم بني هاشم، فإن رسول الله منا ومنكم.
فقال عمر بن الخطاب: إي والله وأخرى، إنا لم نأتكم لحاجة إليكم ولكن كرها أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم. فحمد العباس الله وأثنى عليه وقال: إن الله بعث محمدا كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا، فمن على أمته به، حتى قبضه الله إليه، واختار له ما عنده، فخلى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحق، لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم، فما تقدمنا في أمرك فرضا (3)، ولا حللنا وسطا،