ولا برحنا سخطا (1)، وإن كان هذا الأمر إنما وجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا كارهين. ما أبعد قولك من أنهم طعنوا عليك من قولك أنهم اختاروك ومالوا إليك، وما أبعد تسميتك بخليفة رسول الله من قولك خلى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك، فأما ما قلت إنك تجعله لي (2)، فإن كان حقا للمؤمنين، فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض، وعلى رسلك، فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها (3)، فخرجوا من عنده (4).
أقول: الظاهر أن لسياسة التطميع كانت مدخلية في تمامية الأمر بالنسبة إلى سائر الناس أيضا فقد روى السيوطي عن مجاهد: أن أبا بكر قال في خطبته:
إني لأرجو أن تشبعوا من الجبن والزيت (5).
وخاطب الأنصار - بعد خطبة الزهراء (عليها السلام) - فقال:.. فاغدوا على أعطياتكم.. (6).
وقد نقل غير واحد من العامة عن القاسم بن محمد قال:.. فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسم بين الناس قسما، فبعث إلى عجوز من بني عدي بن النجار [قسمها ] مع زيد بن ثابت، فقالت: ما هذا؟ قال: قسم قسمه أبو بكر للنساء؟
فقالت: أتراشونني عن ديني؟ فقالوا: لا، فقالت: أتخافون أن أدع ما أنا عليه؟ فقالوا: لا، فقالت: والله لا آخذ منه شيئا أبدا (7)...