كنت أسمع همهمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقرآن، فانبعثت من مكاني، فخرجت نحو الفضاء، فوجدت نفرا يتناجون، فلما دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم فعرفوني وما عرفتهم، فدعوني فأتيتهم وإذا المقداد وأبو ذر وسلمان وعمار بن ياسر وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان والزبير بن العوام، وحذيفة يقول:
والله ليفعلن ما أخبرتكم به.. فوالله ما كذبت ولا كذبت، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار، فقال حذيفة: انطلقوا بنا إلى أبي بن كعب فقد علم مثل ما علمت.. فانطلقوا إلى أبي بن كعب وضربنا عليه بابه فأتى حتى صار خلف الباب، ثم قال: من أنتم؟ فكلمه المقداد، فقال: ما جاء بك؟ فقال: افتح فإن الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب، فقال:
ما أنا بفاتح بابي، وقد علمت ما جئتم له، وما أنا بفاتح بابي، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد؟ فقلنا: نعم، فقال: أفيكم حذيفة؟! فقلنا: نعم، فقال: القول ما قال حذيفة، فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري علي ما هو جار عليه، وما يكون بعدها شر منها، وإلى الله جل ثناؤه المشتكى. قال: فرجعوا ثم دخل أبي بن كعب بيته (1).
وجاء جماعة من المهاجرين والأنصار، وفي رواية: أربعون رجلا، إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يدعونه إلى البيعة، فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين، وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هلم يدك نبايعك: فوالله لنموتن قدامك، لا والله لا نعطي أحدا طاعة بعدك. قال (عليه السلام): " ولم؟ " قالوا: إنا سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيك يوم غدير. قال (عليه السلام): " وتفعلون؟ " قالوا: نعم. قال (عليه السلام):