فعمل أمير المؤمنين بوصيتها، ولم يعلم بها أحدا، وأصبح الناس [و] في البقيع ليلة دفن فاطمة (عليها السلام) أربعون قبرا جددا.
وإن المسلمين لما علموا بوفاة فاطمة ودفنها أتوا أمير المؤمنين (عليه السلام) يعزونه بها، فقالوا: يا أخا رسول الله! أمرت (1) بتجهيزها وحفر تربتها؟!
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " قد ووريت ولحقت بأبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) " فقالوا: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * (2) تموت بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - ولم يخلف ولدا غيرها - ولا يصلى عليها..؟! إن هذا لشئ عظيم..
فقال (عليه السلام): " حسبكم ما جئتم به على الله ورسوله من أهل بيته (3) ولم أكن والله أعصيها في وصيتها التي وصت بها: أن لا يصلي عليها أحد منكم.. وما بعد العهد غدر ".
فنفض القوم أثوابهم وقالوا: لا بد من الصلاة على بنت نبينا..! ومضوا من فورهم إلى البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبرا جددا، فاستشكل عليهم قبرها بين تلك القبور، فضج الناس، ولام بعضهم بعضا، وقالوا: لم تحضروا وفاة بنت نبيكم، ولا الصلاة عليها، ولا تعرفون قبرها فتزورونها.
فقال أبو بكر: أتوا (4) نساء المسلمين من ينشر هذه القبور (5) حتى تجدوا فاطمة (عليها السلام) فتصلوا عليها، ويزار قبرها، فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فخرج من داره مغضبا - وقد احمرت عيناه ودارت أوداجه، وعلى يده قباه الأصفر الذي لم