فقال علي (عليه السلام): " الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين! لنحن أحق الناس به، لأنا أهل البيت، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، المضطلع بأمر الرعية، المدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، وإنه والله لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله، فتزدادوا من الحق بعدا.. " فقال بشير بن سعد الأنصاري: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك - يا علي! - قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان.
إلى أن قال:... وإن أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي (عليه السلام)، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي (عليه السلام)، فأبوا أن يخرجوا.
فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة! قال: وإن.
فخرجوا فبايعوا إلا عليا (عليه السلام) فإنه زعم أنه قال: " حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن "، فوقفت فاطمة (عليها السلام) على بابها، فقالت: " لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم.. تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقا ".
فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المختلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ - وهو مولى له -: اذهب فادع لي عليا، قال: فذهب إلى علي فقال له: " ما حاجتك؟ " فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي (عليه السلام): " لسريع ما كذبتم على رسول الله! " فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلا. فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المختلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه، فقل