طويلة يذكر فيها السقيفة وما جري فيها وبعدها -: وأما علي (عليه السلام) والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام، فذهب إليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم.. فقالوا:
انطلقوا فبايعوا أبا بكر.. فأبوا، فخرج الزبير بن العوام بالسيف، فقال عمر: عليكم بالرجل فخذوه.. فوثب عليه سلمة بن أسلم، فأخذ السيف من يده، فضرب به الجدار، وانطلقوا به فبايع، وذهب بنو هاشم أيضا فبايعوا.
ثم إن عليا (عليه السلام) أتي به إلى أبي بكر وهو يقول: " أنا عبد الله وأخو رسوله "، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: " أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منكم، فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيا وميتا فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون ".
فقال له عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي (عليه السلام): " احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا ". ثم قال: " والله يا عمر! لا أقبل قولك ولا أبايعه "، فقال له أبو بكر: فإن لم تبايع فلا أكرهك، فقال أبو عبيدة ابن الجراح لعلي (عليه السلام): يا بن عم! إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك، وأشد احتمالا واضطلاعا به، فسلم لأبي بكر هذا الأمر، فإنك إن تعش ويطل بك بقاء، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق.. في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك..