ومن جهة أخرى إلى قلة أنصار الحق وكثرة أدعياء الباطل حتى لكأن الحق عشر، والباطل تسعة أعشار، وعليه فلا بد لأهل الحق من مماشاة أهل الباطل في حال ظهور دولتهم ليسلموا من بطشهم.
على أن وصف الحق بالقلة والباطل بالكثرة وكذلك أهلهما صرح به القرآن الكريم في أكثر من آية، كقوله تعالى: ﴿وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم﴾ (2).
كما أن الحديث لا يدل على نفي الدين عمن لا يتقي بل يدل بقرينة أحاديث أخر أنه غير مكتمل التفقه، بل ليس فقيها في دينه، وهكذا في فهم نظائره الآخر . ومما يدل عليه ما رواه عبد الله بن عطاء قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام : رجلان من أهل الكوفة أخذا، فقيل لأحدهما: أبرأ من أمير المؤمنين، فبرئ واحد منهما وأبى الآخر، فخلي سبيل الذي برئ وقتل الآخر؟
فقال عليه السلام: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه، وأما الذي لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة (3).
هذا، ولا يمنع أن يكون الحديث دالا أيضا على سلب الإيمان والدين حقيقة ممن لا يتقي في موارد وجوب التقية عليه، كما لو أكره مثلا على أن يعطي مبلغا زهيدا، وإلا عرض نفسه إلى القتل، فامتنع حتى قتل، فهذا لا شك أنه من إلقاء النفس بالتهلكة، وقد مر تصريح علماء العامة بأن مصير