جاء، قال: خبأت هذا لك (1).
قال الكرماني في شرح الحديث المذكور: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبأت هذا لك. وكان ملتصقا بالثوب وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يري مخرمة أزاره ليطيب قلبه به، لأنه كان في خلق مخرمة نوع من الشكاسة) (2).
وقد استخدم هذا الأسلوب من التقية بعض الصحابة أيضا.
قال السرخسي الحنفي في المبسوط: (وقد كان حذيفة ممن يستعمل التقية على ما روي أنه يداري رجلا، فقيل له: إنك منافق!!
فقال: لا، ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله) (3).
وواضح من كلام هذا الصحابي الجليل، أن ترك التقية ليس مطلقا في كل حال وأن عدم مداراة الناس تؤدي إلى نفرتهم، وعزلته عنهم، وربما ينتج عنها من الإضرار ما يذهب بالدين كله.
ومن هنا روي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم (4).
ولا يخفى على عاقل ما في مخالطة الناس من أمور توجب مداراتهم سيما إذا كانت المخالطة مع قوم مرجت عهودهم وأماناتهم وصاروا حثالة.