الثاني عشر من أئمة آل البيت في ليلة النصف من شعبان سنة 265 ه (1) بسامراء أيام الخليفة المعتمد... وتحمل محمد بن الحسن المهدي الإمامة في رأي الشيعة وهو ابن خمس سنين إذ توفي الحسن العسكري والده وتركه في تلك السن فآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية للعالمين كما جعل يحيى إماما في حالة طفولته وعيسى نبيا وهو في المهد، ثم كان له غيبتان صغرى وكبرى طولى: الأولى كان يحتجب فيها عن الناس إلا عن الخاصة، واتصاله فيها بسائر شيعته كان عن طريق السفراء الذين يتلقون الأسئلة ويبلغونها ثم يصدرون الإجابة عنها موقعة منه إلى أصحابها السائلين، وتداول السفارة أربع وكلا: أولهم عثمان بن عمر الأسدي ثم ولده محمد بن عثمان ثم الحسين بن روح النوبختي ثم علي بن محمد السمري.
وأما الغيبة الكبرى أو الكاملة فهي حدثت في مثل الليلة التي ولد فيها منتصف شعبان سنة 328 ه وانقطعت كل الاتصالات والسفارة بينه وبين الشيعة في عهد الوكيل الرابع الذي كان مجيئه في زمن شدة، وربما شعر بأن السنوات التي مرت على موت آخر الأئمة كانت مليئة بالجور والظلم وسفك الدماء وأن الإمام لا بد أن يظهر أو ربما أدرك الخيبة فشعر بتفاهة منصبه وعدم حقيقته كوكيل معتمد لدى الإمام المنقرض، ومهما كان فقد سئل أن يعيش وصيه من بعد فقال: (لله أمر هو بالغه).
ولكن هذا الرأي لمستشرق يحاول تحليل عقيدة الشيعة، أما الشيعة أنفسهم فهم يعتقدون بحجة المهدي وبقاء سلطته الروحية وإن كان غائبا فيمكن أن يراسل بكتابة صيغة معينة توضع عند قبر آخر الأئمة، أو تطوى وتختم في طين ثم تلقى في البحر أو بئر عميقة فتصل الإمام الغائب فينظر فيها. وقد جعل الله هذا الأمر في غيبته الصغرى سنة من يوسف إذ ظن إخوانه أنه قد هلك.
ولقد قالوا: إن الإمام الصادق سئل عن المهدي فقال: إن الله جعل في القائم منا