فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها الفرزدق وقال: يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله عز وجل ولرسوله، وما كنت لأزرأ عليه شيئا، فقال: شكر الله لك، إلا إنا أهل البيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه، فقبلها، وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس، فكان مما هجاه به قوله:
أتحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعين له حولا باد عيوبها توفي علي بن الحسين بالمدينة في هذه السنة، ودفن بالبقيع، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
ومن العجائب: ثلاثة كانوا في زمان واحد، وهم بنو أعمام، كل واحد منهم اسمه علي، ولهم ثلاثة أولاد كل واحد اسمه محمد، والآباء والأبناء علماء أشراف: علي ابن الحسين بن علي، وعلي بن عبد الله بن عباس، وعلي بن عبد الله بن جعفر.
ومنهم الشريف أحمد بن عبد الله الحسيني الإيجي الشيرازي في (توضيح الدلائل) (ق 392 نسخة مكتبة الملي بفارس) قال:
قال الحافظ الصالحاني ومما قيل فيه وأدى منشده حق الولا ويوفيه - فوجدت بخط المادني يروي عن كيسان عن الهيثم بن عدي قال: حج عبد الملك بن مروان وكان معه الفرزدق بن غالب فبينا هو قاعد ومر علي بن الحسين عليهما السلام يمشي على سمت السكون والوقار وهيئة الأئمة الأخيار يتلألأ من وجهه أنوار العبادات ويتفرس من ميامن ناصيته شعاشع الكرامات ومعه طائفة بكعبة ولائه طائفه فقال عبد الملك: من هذا الذي لا أعرف طوله يستعمش بزور الانكار من حوله فقال الفرزدق: أنا أعرفه وأعرفه وأنشأ: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته... القصيدة.
وقال الإمام اليافعي في تاريخه في ذكر الفرزدق ومفاخراته ومابهاته مع بعض الشعراء: وينسب إلى الفرزدق ومكرمة فاخرة يرجى له بها الرحمة في دار الآخرة وهي إنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه طاف وجهد أن يقبل الحجر