ووضع الأعمى رأس عصاه على رجل الحسن وداسها بثقله. وأعلن الأطباء أن العصا كانت مسمومة وسقوه بعض الأدوية فشفى.
ولم يجد الحسن راحة التي كان ينشدها في الموصل فعاد إلى المدينة وسكن بعيدا عن زوجته التي شك فيها واتخذ الحيطة في مأكله ومشربه ولكن أسماء جاءت ليلا ومعها سم من الماس المسحوق. وكان إلى جانب الحسن إناء فيه ماء للشرب ففكرت في تسميم الماء ولكن فوهة الإناء كانت مشدودة بقطعة من القماش مختومة. غير أن القماش كان ناقعا فرشت السم عليه فامتصه فتسمم الماء، ولما أمر الحسن ابنته أن تسقيه ماء ففعلت فأصابه مرض شديد حتى قذف بأحشائه. وعلى كل حال فإن هذا الوصف التصويري يذكر بأنه قذف بكبده قطعة قطعة حتى بلغت مائة وسبعين قطعة. وقال أحد الشيوخ الإيرانيين إن الأطباء الحديثين يقولون إن هذا الأمر غير ممكن وقوعه وبذلك يلقون بعض الشك على تفاصيل شهادة الحسن..
ويذكر في الأخبار أن الحسن عندما كان على فراش الموت أخبر بأن من أعطته السم لا تنال ما تريد، فيروى بناء على ذلك أن معاوية أرسل إليها بعد ذلك يقول: إننا نحب حياة يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه.
وترى قصة إنهم أرادوا دفنه مع النبي صلى الله عليه وسلم حسب وصيته، وكان قد أخبر بأن عائشة ربما منعت دفنه هناك. فإذا فعلت ذلك فيدفن في البقيع إلى جانب أمه. فلما حملوا جنازة الحسن إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ مروان الخبر إلى عائشة فخرجت تمنع وقد ركبت بغلة وقالت إن دفن الحسن هناك مما يحط من قدر الرسول صلى الله عليه وسلم فغضب محمد بن الحنفية أخو الحسن من أبيه علي وقال لها خرجت على أبي وأنت على جمل واليوم جئت تشتمينا وأنت على بغلة، وإن خرجت غدا لخزي الاسلام فستكونين على فيل فغضبت عائشة من ذلك والتفتت إلى بني أمية وسألتهم كيف أنها تخاطب بمثل ذلك وهم سكوت فسألوها وما نفعل فقالت ارموا جنازة الحسن بالسهام ففعلوا حتى سل منها سبعون