فيسهل استعمارنا عند ذلك، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى أن هذا تراث مشترك لا يصح أن يتخلى عنه من تحضر عن مسؤوليته في الكشف به عن معالم التطور البشري ما بين الماضي والحاضر، وقد قيل: إن نابليون جاء معه بجنود من العلماء لدراسة أحوال الشعب المصري والكشف عن أسرار تاريخه القديم.
وفي نفس الوقت لا ننكر أن لهم الفضل ولا زالوا في حفظ تراثنا الواصل إليهم والمساهمة بنشره أيضا، إلا أن تعصبهم لدينهم وقومياتهم ترك آثارا فيما نشروا، فنشاهد الكثير من التواء الأساليب واضطراب المناهج والاعتساف في تأويل النصوص، وكنتيجة لذلك فإنها تعطي نتائج محرفة تخدش عقيدتنا، وتؤيد تلك المزاعم التي يتبجح بها أعداؤنا.
اليقظة الجديدة:
يمكننا القول بأن بوادر يقظتنا من ليلنا الطويل قد لاحت في الأفق في القرن الثاني أو الثالث عشر الهجري - القرن التاسع عشر الميلادي -، وبالرغم مما كان يشوبها من مظاهر القلق والاضطراب فقد برزت طائفة من رواد الفكر الإسلامي أخذت على عاتقها صيانة تراثنا والعناية بدقة في تدوين الحديث الشريف وروايته، لذا كان السبب في وصول نسخ خطية كثيرة إلينا كتبت في العصور المتقدمة وفي شتى أنواع العلوم، كالفلسفة والحديث والقرآن والفلك...
إلخ.
ومن أولئك الرواد الجهابذة مؤلفنا السيد محسن الأمين قدس سره الذي أفرزته حضارتنا ونصبته قمة سامقة للتاريخ، ونجما زاهرا يضئ السماء يهتدى به في ظلمات الليل الحالك، ويكفي لمؤرخ الحضارة الإنسانية أن يمجد هذه الأمة المرحومة حين وصوله لهذه العبقرية التي رفدت البشرية بأنواع اللآلئ