وأساطين المذهب، وفي آخر نحو عقولنا السليمة، وهكذا دواليك، وما فتئوا يحاربوننا بكل ما أوتوا من قوة، لكنهم عادوا في خزيهم تعلوهم الخيبة، وبقي تراثنا مشعلا للتراث الإنساني، ومنارا للعلم والفضيلة، ودعامة قوية في صرح الحضارات العالمية، وفيضا يغذي الأرض بالحياة والهدى والنور المرقرق الدفاق ((1)).
واستتبع مواضع أقدام أولئك الأعداء من حسب علينا من ضعاف اليقين وسذج التفكير، أو ممن امتاز بضحالة معرفته بتاريخ تراثنا الإسلامي، فأخذ يضرب على وتر نغماتهم، وبدأ يقتنص تلك النغمات وينظمها بتنظيم جديد، محاولا القطع بين ماضينا وحاضرنا، متعمدا إلغاء الوعي الجماهيري، مسايرا أهواء ورغبات زعمائه وأربابه.
ومن هنا يتوجب علينا - في ظل الفترة الدقيقة الراهنة التي تجتازها أمتنا - تعبئة كل الجهود والإمكانات للرقي بوجودنا إلى وجود أعز وأفضل، وصحيح أن أمتنا قد مرت بعصور ازدهار وانحطاط إلا أنها أمة عريقة، ولا تستطيع أن تحمي وجودها وتتابع سيرها على مراقي تقدمها ما لم تستقرئ ماضي خطواتها على درب الزمن، وتدرك سر قوتها وبقائها، وعوامل ضعفها وتخلفها.
وإن قضية تراثنا في جوهرها قضية وجود ومصير تتسع أبعادها زمانا فتستوعب الماضي والحاضر والمستقبل، وإذا أردنا لتراثنا أن يأخذ مكانه المرموق بين قضايانا الحيوية ما علينا إلا التصدي لنشره ووضعه في موضعه الصحيح من هذه الحرب العلمية، فإنه بمثابة العامل الحي الذي يحيط بكل فعاليات الأمة ومكتسباتها.
ومما يؤسف له أن لفظ " التراث " قد حد بحدود لدى الكثيرين ممن تقع