على عاتقهم مسؤولية إقامته وصيانته، بل والنهل من هذا البحر المعطاء، وأصبح التراث لديهم وكأنه مخطوطات قديمة في علوم العربية والإسلام قد أكل عليها الزمن وشرب، تحتاج لمن ينفض عنها الغبار قبل أن يقوم بأي شئ آخر.
فقد غاب عنهم أن تراثنا هو معاد معنوي، وهو غذاء وضياء، قد استوعب ثمار عقول سلفنا الصالح في مختلف مجالات العلم والمعرفة، من رياضيات ونجوم وكيمياء وطب، وغيرها من العلوم التي تكمن في أعماق جذور ذاتنا، والتي لا تجد من يعني بها، وأن تلك النهضة الجبارة قد سبقت ظهور المطبعة وأجهزة الإعلام والنشر، فاعتمد الكتاب على الخط والنسخ في الجمع والتدوين والتأليف والنشر، وأن صرف النظر عن الماضي من المحال، لأنه صرف عن الزمان، وصرف عن الذات، والزمان قطعة منا وعبثا نرتبه في الذات إلى ماض وحاضر ومستقبل، ونقسمه إلى ساعات وأيام، فنحن نعيش الزمان كله، شئنا ذلك أم أبينا، بالقوة أو بالفعل، يقول ذلك علم النفس، ويحكيه علم الاجتماع ((1)).
ولا يغيب عن بالنا أن أمتنا في الوقت الذي كانت تعيش فيه نهضتها المباركة كان الغرب الأوربي يعيش في ظلمات عصوره الوسطى.
تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن " بنت الشاطئ ":
كانت النهضة العلمية تساير عصور القوة للدول الثلاث، وكان بيت الحكمة في بغداد، ومكتبة العزيز في القاهرة، ومكتبة الزهراء في قرطبة، عنوان هذه النهضة، ورمزا معبرا عنها، وآية من آيات عزها.
كما كانت دور الكتب العامرة في المشرق، ومن أشهرها: مكتبة المدرسة النظامية، وخزائن كتب النجف الأشرف، وخزانة سيف الدولة في حلب، والمدرسة النورية، ومكتبة أبي الفدا في حماة، والظاهرية في دمشق، وبني عمار