الفصل السابع لم يمت العالم، ويبقى حيا في خضم عمر مديد يقرب من الثمانين عاما، كان سيدنا الإمام المجدد الشيرازي في خلاله قمة شامخة في الزعامة العامة ومثالا رائعا للتقى والورع، ومرجعا دينيا للأمة الإسلامية، حصل له في دنياه قل أن يحصل لغيره من مكانة في العلم، وسعة في الزعامة، وسلطة عليا في الدين.
وحقق ما أراد، حين أدخله خاله الذي تولى تربيته سلك الخطابة، فلم يطل به المقام فيها، إلا واكتشف في نفسه قابلية ليكون من أهل العلم والفضل والشأن، فتوجه تلقاء بغيته العلمية متنقلا من شيراز إلى أصفهان، ثم إلى كربلاء والنجف، أينما صادف موردا صافيا للعلم حط عليه، وربض فيه، حتى ينال منه بغيته، وإلى أن وصل النجف الأشرف، محط العلماء، وبغية الطلاب، به يستقرون، ومن جامعتها الشامخة يرفدون.
ثم من حق المرجعية الدينية الإمامية أن تعتز بمثل هذه الشخصية الفريدة، التي جمعت كمال العلم، إلى ورع النفس، إلى طموح الرقي، وكان لها من هذه وتلك ما قوم به الخط المرجعي الإمامي، الذي استمر طوال القرون الشاسعة ينبض حيوية، ويتنامى ازدهارا، فإنه لم يجمد، ولم يخمد، فحركة الاجتهاد إحدى مفاخره ومسايره التطور الحضاري من أهم مميزاته.
إذا لا نستغرب إذا سمعنا ما قاله القائلون عنه: وبلغ من الرئاسة وجلالة الشأن مبلغا لم يكن لأحد من الأمراء والملوك في أيامه () ما كان له من رئاسة وزعامة وتوفيق.
ثم أيضا لا تعلونا الدهشة حين نسمع ما يتحدثون عن سيدنا الإمام المجدد