الأخيرة في دنياه الفانية في حرم أبي الأئمة الأطهار، عبر سامراء والكاظمية، وبغداد والمحمودية، والمسبب وكربلاء، وخان الحماد فالنجف، أكف مرفوعة وعيون دامعة، وقلوب مفجوعة من أهالي المدن وعشائر دجلة والفرات.
ولم تكن الأمة المفجوعة في مدى الأسبوع الأول الذي كان الجثمان مودعا بين أكفها - من عشية الثلاثاء 24 شعبان حتى يوم الخميس الثاني من رمضان عام 1312 ه - إلا وتكاد تؤكد أن تكون قلوبها لحدا لإمامها الراحل، ولو لا أمر الله بأن يتوسد الجثمان ملحود قبره لآثرت أن يبقى مرفوعا أمامها، وفي سواد أعينها، ولكن لا بد أن يكون القبر المثوى الأخير للجسد الطاهر، وهكذا كان، فقد دفن في مدرسته التي تقع في جنب الصحن الحيدري. ولم تترك قلوب تلامذته وعار في فضله جثمان أستاذهم الكبير، فقد أنزله - وهو يمثل كل تلك القلوب الدامية حسرة عليه - علم الأمة من بعده وشيخها المحقق السيد أبو محمد الحسن الصدر، فوسده في ملحود قبره، وخرج وهو يحمل هم الفراق، وعزاء الإيمان، ما أثقل به الدهر، وكل عنه الوصف، وعجز من ذكره البيان، فإنا لله وإنا إليه راجعون ().