منهما أجزاء للفرد المحقق لذلك المفهوم البسيط.
لكن يمكن الفرق حينئذ، بأن الأولى ما يتوقف تحقق هذا المفهوم البسيط على تحققها، بحيث لولاها لما أمكن وجوده في الخارج، بخلاف الثانية فإنها وإن كانت أجزاء لفرد خاص، ويكون هذا الفرد أيضا من محققات المفهوم المذكور، إلا أنه لا يتوقف حصوله على تحقق هذا الفرد الخاص، بل يوجد بأقل منه أجزاء وهو المشتمل على الأجزاء الواجبة.
ثم إن الأجزاء المستحبة:
منها: ما يكون محله بين الأجزاء الواجبة، بمعنى أن ظرف وقوعه بعد الشروع في الواجب من العبادة وقبل الفراغ منه، كالتكبيرات المندوبة قبل الركوع، أو بعده، أو بعد السجود ونحوها، وكالتسميع والقنوت.
ومنها: ما يكون ظرف وقوعه بعد الفراغ عن الأجزاء الواجبة، كالسلام الثاني على القول باستحبابه.
ومنها: ما يكون الشخص مخيرا بين إيقاعه قبل الشروع فيها أو بعده، كالتكبيرات المندوبة أول الصلاة الزائدة على تكبيرة الإحرام الواجبة، فإنها مستحبة، ويتخير المكلف بين تأخير التكبيرة الواجبة - فحينئذ يقع سائر التكبيرات المستحبة قبل الشروع في الواجب حيث أن أوله تكبيرة الإحرام - وبين تقديمها، فيقع فيما بين الواجب.
لا إشكال في جزئية الأول للفرد الذي يتحقق هو في ضمنه، نظرا إلى أنه إذا لا يتحقق جميع الأجزاء الواجبة لا يتحقق فرد للكلي أصلا، وبعد تحققها، والمفروض تحقق هذا الجزء المندوب في خللها، فيكون هو جزء من هذا الفرد.
وأما الثاني، وكذا الثالث إذا أتى به قبل الشروع في الواجب، ففي دخولهما فيه إشكال:
أما الثاني: فلأنه إذا تحقق الأجزاء الواجبة مع ما فيها من المندوبة، أو بدونها، يتحقق الفرد المحقق للكلي، فيكون المأتي به بعده خارجا عنه.
وأما الثالث: على التقدير المذكور فلأن أول الفرد المحقق له هو تكبيرة الإحرام مثلا، فما يتقدمها خارج عنه، وإلا للزم كون الأذان والإقامة أيضا جزءين