ومحصل الكلام أن المراد من ابتناء الأحكام الشرعية على المسامحات العرفية لا التدقيقات العقلية هو ابتناؤها على متفاهم العرف الغير الناشئ عن تنزيلاتهم، والمراد من عدم ابتنائها على المسامحات العرفية هو عدم ابتنائها على تفاهمهم الناشئ عن تنزيلاتهم، فلا منافاة بين القولين.
ولنرجع إلى ما كنا فيه من الإشكال في صحة فرض الجامع () هو الأركان المخصوصة أو معظم الأجزاء على وجه يكون الوضع للكل واستعماله في الناقص من باب المسامحة، ونقول في رفع الإشكال عن تصحيح فرض الجامع على مذهب الأعمي بإمكان فرضه معظم الاجزاء المحصلة للصدق العرفي، لكن لا على وجه يكون الوضع للكل واستعماله في الناقص من باب المسامحة حتى يرد الإشكال المذكور، بل على وجه يكون الوضع للكل من حيث المعظم، فيكون سائر الأجزاء معتبرة في المسمى لا في التسمية، نظير وضع البيت، والأعلام الشخصية حسب ما مر توضيحه بما لا مزيد عليه، فتعين أن الأقرب إلى قول الأعميين هو الأعم العرفي لا الأركاني، بحكم العرف الكاشف عن الشرع.
والثمرة، بين الأعم العرفي والأركاني نظير ثمرة الصحيح والأعم في الإجمال والبيان، فإن اللفظ على الأركاني مبين من جميع الوجوه، لانحصار الأركان شرعا في النية، والتكبير، والقيام، والركوع، والسجود، بخلافه على الأعم العرفي، فإن اللفظ قد يجمل () عند الشك في محصلية صدق الاسم بمرتبة من مراتب الأجزاء كما يجمل على الصحيحي.