والفرق بينه وبين الإطلاق على المتلبس في المستقبل باعتبار اتصافه فيه واضح.
ثم إنا، وإن مثلنا في الوجهين المتقدمين - أعني التبادر وصحة السلب - بأمثلة هي من أسماء الفاعلين، لكنها إنما هي من باب مجرد التمثيل، وإلا فهما جاريان في جميع ما هو المتنازع فيه في المقام، كاسمي الآلة والمكان، والصفات المشبهة، وصيغ المبالغة لتبادر المتلبس بالمبدأ فيها أيضا جدا، وصحة سلبها عما انقضى عنه المبدأ، كصحته عما لم يتلبس به بعد، إلا أن الاتصاف فيها مختلف.
فإنه في الأول بعنوان الظرفية كالمنام، والمأمن، والملجأ، والمسكن، والمسجد، فإن معانيها المتبادرة منها ما يعبر عنه بالفارسية: خوابگاه، وآسودهگاه، وپناهگاه، نشيمنگاه، ومسجدگاه.
وفي الثاني بعنوان الآلية، كالميزان والمقراض والمنشار، وغير ذلك من الأمثلة الموازنة لها، أو المخالفة لها في الزنة، لمجيء اسم الآلة على غير وزن مفعال كمثقب على زنة مفعل، فإن معانيها المتبادرة منها هي ما تقع بها هذه الأفعال.
فإن قيل: إن هذا التعبير يوهم أخذ الذات في مفاهيمها، وسيجئ بطلانه.
قلنا: ليس لنا عبارة أخرى مؤدية للمقصود على ما هو عليه، لا في لغة العرب ولا الفرس، إذ التعبير عنها ب (ترازو وأره) ليس عن المقصود بوجهه، فإن (أره وترازو) في الفارسية من الأسماء الجامدة، لا الأوصاف، لكن بحسب اللب يظهر للمتأمل أنها بسيطة جدا.
وإن شئت عبرت عنها بالفارسية (آلت كشش، وآلت پراكنده، وآلت جدائي) فإنها أيضا أوصاف، وعنوانات بسيطة، يعبر عن الذوات بها، لاتحادها معها في الوجود.
وفي الثالثة بلحاظ قيام المبدأ بالذات، كما في أسماء الفاعلين، فان معانيها المتبادرة منها هكذا، كما في الحسن والشجاع والقبيح، فان المتبادر منها هو ما يعبر عنه بالفارسية ب (خوب وبد ودلير) فإنها أوصاف وعناوين للذات منتزعة عن