العلم بكل () الأحكام الشرعية، وإن كان مفتوحا في نفس الألفاظ، والانسداد الذي نحن نسلمه إنما هو في نفس الألفاظ، مع قطع النظر عن الأحكام الشرعية، وهذا لا يوجب كونه ظنا مطلقا، فإن الحكمة في اعتبار جميع الأصول العقلائية هو الانسداد الغالبي، لفظية كانت، كما في الأصول المعروفة في المقام، من أصالة عدم الغفلة، وعدم السهو، وعدم السفه، وغيرها، أو عملية كالاستصحاب، وأصالة البراءة - بناء على اعتبارهما - من باب الظن، وكالظن بالأمور المستقبلة، كالظن بالسلامة فإنه أيضا من الظنون المعتبرة العقلائية، والحكمة في اعتباره إنما هو انسداد باب العلم بالأمور المستقبلة غالبا، فذلك دعاهم على البناء عليه في جميع أمورهم.
ثم إنه لا يرد علينا - حينئذ - أنه كيف يمكن تعبد العقلاء بغير العلم في مورد يتمكنون منه، كما في بعض الموارد، فإن المدعى ثبوت الانسداد في الغالب، فهو اعتراف بانتقاضه في بعض الموارد فيرد المحذور.
وتوضيح دفعه: إنه لا ريب أنه ليس لحصول العلم أسباب منضبطة، في مقام استكشاف المرادات، بل أسبابه - في المقام - هي الخصوصيات اللاحقة لخصوص المقامات.
هذا بخلاف مقام استكشاف الأوضاع، فإنه - كما عرفت - له أسباب منضبطة، كالتبادر، وعدم صحة السلب، وغيرهما من الأسباب، بحيث لا يختص إفادتها العلم لشخص، دون شخص، أو حال دون حال، فلذا تعرضنا للبحث عن صغرياتها ثمة، وتركنا البحث عنها فيما نحن فيه، لعدم دخولها في المقام تحت ضابط قانوني، فإذا ثبت أنها ليس لها ضابط في المقام، فلا يختص صوره بإمكان تحصيل العلم، حتى يجب تحصيله فيها، إذ ربما يحصل العلم في بعض الصور لأحد ولا يحصل لغيره ذلك في ذلك البعض، وربما يحصل لشخص واحد في حال دون أخرى.
وكيف كان، فحصول العلم في بعض صور المقام اتفاقي، لا يدخل تحت قانون حتى يجب تحصيله، والتكلف وتحمل المشقة في جميع الموارد، لأجل احتمال خصوصية مفيدة للعلم في بعضها، موجب لاختلال النظام.
والحاصل: أنه إذا كان الداعي - إلى البناء على العمل بغير العلم - رفع الحرج والمشقة، وتسهيل الأمور فذلك أمر حسن عند العقل، بل واجب، فلا يرد السؤال