قال ابن دأب: هذا ما حفظت الرواة الكلمة بعد الكلمة وما سقط من كلامه أكثر وأطول مما لا يفهم عنه.
ثم الحكمة واستخراج الكلمة بالفطنة التي لم يسمعوها من أحد قط بالبلاغة في الموعظة فكان مما حفظ من حكمته، وصف رجلا أن قال: ينهي ولا ينتهي ويأمر الناس بما لا يأتي ويبتغي الازدياد فيما بقي ويضيع ما أوتي يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم ويبغض المسيئين وهو منهم يبادر من الدنيا ما يفنى ويذر من الآخرة ما يبقى يكره الموت لذنوبه ولا يترك الذنوب في حياته.
قال ابن دأب: فهل فكر الخلق إلى ما هم عليه من الوجود بصفته إلى ما قال غيره.
ثم حاجة الناس إليه وغناه عنهم إنه لم ينزل بالناس ظلماء عمياء كان لها موضعا غيره مثل مجيء اليهود يسألونه ويتعنتونه ويخبر بما في التوراة وما يجدون عندهم فكم من يهودي قد أسلم وكان سبب إسلامه هو.
وأما غناه عن الناس فإنه لم يوجد على باب أحد قط يسأله عن كلمة ولا يستفيد منه حرفا.
ثم الدفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف قال ذكر الكوفيون أن سعيد بن القيس الهمداني رآه يوما في شدة الحر في فناء حائط فقال: يا أمير المؤمنين بهذه الساعة؟ قال: ما خرجت إلا لأعين مظلوما أو أغيث ملهوفا، فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا حتى وقفت عليه، فقالت: يا أمير المؤمنين ظلمني زوجي وتعدى علي وحلف ليضربني فاذهب معي إليه، فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول: لا والله حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع وأين منزلك؟
قالت: في موضع كذا وكذا فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها، فقالت: هذا منزلي، قال: فسلم، فخرج شاب عليه إزار ملونة، فقال: إتق الله فقد أخفت زوجتك، فقال: