والله ما سمعت بعلم أجمع منه ولا أحكم ولا أوضح! فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله! فقال معاوية: لولا أن أبا تراب قتل عثمان، ثم أفتانا لأخذنا عنه! ثم سكت هنيئة ثم نظر إلى جلسائه فقال: إنا لا نقول إن هذه من كتب علي بن أبي طالب ولكنا نقول: إن هذه من كتب أبي بكر الصديق كانت عند ابنه محمد، فنحن نقضي بها ونفتي! فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني أمية حتى ولي عمر بن عبد العزيز فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب! فلما بلغ علي أبي طالب أن ذلك الكتاب صار إلى معاوية اشتد ذلك عليه. قال أبو إسحاق..... صلى بنا علي فلما انصرف قال:
لقد عثرت عثرة لا أعتذر... سوف أكيس بعدها وأستمر... وأجمع الأمر الشتيت المنتشر قلنا: ما بالك يا أمير المؤمنين سمعنا منك كذا؟ قال: إني استعملت محمد بن أبي بكر على مصر، فكتب إلي أنه لا علم لي بالسنة، فكتبت إليه كتابا فيه السنة فقتل وأخذ الكتاب). انتهى.
أقول: في هذا النص دلالات عديدة، منها: اعتراف معاوية بعلم أمير المؤمنين عليه السلام وأنه ظالم في منازعة من هو أعلم منه.
ومنها: أن معاوية الذي شهد له النبي صلى الله عليه وآله كما في البخاري بأنه إمام الفئة الباغية الداعية إلى النار، هو أيضا إمام في التزوير ونسبة كتب العلم إلى غير أصحابها!
ومنها: أن خطة النبي والعترة صلى الله عليه وآله أن يصونوا العلم عن الأئمة المضلين، إلا قليلا منه، حتى لا يسيئوا استغلاله، وينكشف للمسلمين جهلهم وتسلطهم بغير حق! أما قول الراوي إن ابن عبد العزيز أظهر أنها أحاديث علي عليه السلام، فيكذبه الواقع!
* *