وقوي صبرك، وعظم جهادك، وظفرت برأيك، وربحت تجارتك، وقد قدمت على خالقك، فتلقاك الله ببشارته، وحفتك ملائكته، واستقررت في جوار المصطفى، فأكرمك الله بجواره، ولحقت بدرجة أخيك المصطفى، وشربت بكأسه الأوفى. فأسأل الله أن يمن علينا باقتفاء أثرك، والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك والمعاداة لأعدائك، وأن يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتى أقمت السنن وأبرت الفتن، واستقام الإسلام وانتظم الإيمان، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام.
بك اشتد ظهر المؤمنين، واتضحت أعلام السبل وأقيمت السنن، وما جمع لأحد مناقبك وخصالك، سبقت إلى إجابة النبي صلى الله عليه وآله مقدما مؤثرا، وسارعت إلى نصرته، ووقيته بنفسك، ورميت بسيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، وقصم الله بك كل جبار عنيد، وذل بك كل ذي بأس شديد، وهدم بك حصون أهل الشرك والبغي والكفر والعدوان والردى، وقتل بك أهل الضلال من العدى، فهنيئا يا أمير المؤمنين، كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله، وأولهم سلما، وأكثرهم علما وفهما.
فهنيئا لك يا أبا الحسن، لقد شرف الله مقامك، وكنت أقرب الناس إلى رسول الله نسبا، وأولهم إسلاما، وأكثرهم علما، وأوفاهم يقينا، وأشدهم قلبا، وأبذلهم لنفسه مجاهدا، وأعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر، وإن يومك هذا مفتاح كل شر، ومغلاق كل خير، ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة!! ثم بكى بكاء شديدا