يتخاذلان، ومجتمعين لا يتفرقان. ولقد قبض الله محمدا نبيه صلى الله عليه وآله ولأنا أولى الناس به مني بقميصي هذا، وما ألقي في روعي، ولا عرض في رأيي، أن وجه الناس إلى غيري، فلما أبطأوا عني بالولاية لهممهم، وتثبط الأنصار وهم أنصار الله وكتيبة الإسلام وقالوا: أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره! (يقصد عليه السلام أن هذا كان أمرا غير معقول لا يتصور، وإلا فقد أخبره النبي صلى الله عليه وآله بما سيجري وصرح هو بذلك مرارا).
فوالله ما أدري إلى من أشكو، فإما أن تكون الأنصار ظلمت حقها، وإما أن يكونوا ظلموني حقي، بل حقي المأخوذ وأنا المظلوم، فقال قائل قريش: الأئمة من قريش، فدفعوا الأنصار عن دعوتها ومنعوني حقي منها! فأتاني رهط يعرضون علي النصر، منهم ابنا سعيد، والمقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والزبير بن العوام، والبراء بن عازب، فقلت لهم: إن عندي من النبي صلى الله عليه وآله عهدا وله إلي وصية لست أخالفه عما أمرني به، فوالله لو خزموني بأنفي لأقررت لله تعالى سمعا وطاعة، فلما رأيت الناس قد انثالوا على أبي بكر بالبيعة أمسكت يدي، وظننت أني أولى وأحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله منه ومن غيره، وقد كان نبي الله أمر أسامة بن زيد على جيش وجعلهما في جيشه، وما زال النبي إلى أن فاضت نفسه يقول: أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة!
فلما رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الإسلام تدعو إلى محو دين محمد وملة إبراهيم صلى الله عليه وآله، خشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة علي فيه أعظم من فوت ولاية أموركم، التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم تزول وتنقشع كما يزول وينقشع السحاب! فنهضت مع القوم في تلك الأحداث حتى زهق الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا، وإن رغم الكافرون....
فولي أبو بكر فقارب واقتصد، فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا، حتى إذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الأمر عني، ولولا خاصة بينه وبين عمر، وأمر كانا رضياه بينهما، لظننت أنه لا يعدله عني، وقد سمع قول النبي صلى الله عليه وآله