فيها قبل أن تنزل عن منبرك: والله إني لأولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض الله محمدا. فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟!
فقال له علي عليه السلام: يا ابن قيس قلت فاسمع الجواب: لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية للقاء ربي، وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وعهده إلي!!
أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بما الأمة صانعة بي بعده، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني ولا أشد يقينا مني به قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت. فقلت: يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا.
وأخبرني صلى الله عليه وآله أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري وتتبع غيري وأخبرني صلى الله عليه وآله أني منه بمنزلة هارون من موسى، وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه..... فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه وأنا مشغول برسول الله صلى الله عليه وآله بغسله ودفنه، ثم شغلت بالقرآن، فآليت على نفسي أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب، ففعلت.
ثم حملت فاطمة وأخذت بيد ابني الحسن والحسين، فلم أدع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي، ودعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط: سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير، ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به ولا أقوى به.... فقلت كما قال هارون لأخيه: ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني! فلي بهارون أسوة حسنة ولي بعهد رسول الله صلى الله عليه وآله حجة قوية....
إلى أن قال عليه السلام: ويلك يا ابن قيس كيف رأيتني صنعت حين قتل عثمان إذ وجدت أعوانا؟ هل رأيت مني فشلا أو تأخرا أو جبنا أو تقصيرا في وقعتي يوم البصرة وهم