من عباد أهل البصرة ومخبتيهم، يسمون المثفنين كأن راح أكفهم ثفنات الإبل، وأبى أن يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكري فقال: إتقيا الله، إن أولكم قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركم إلى النار، فلا تكلفونا أن نصدق المدعي ونقضي على الغائب، أما يميني فشغلها علي بن أبي طالب ببيعتي إياه، وهذه شمالي فارغة فخذاها إن شئتما! فخنق حتى مات رحمه الله. وقام عبد الله بن حكيم التميمي فقال: يا طلحة هل تعرف هذا الكتاب؟ قال: نعم هذا كتابي إليك. قال: هل تدري ما فيه؟ قال: إقرأه علي. فقرأه فإذا فيه عيب عثمان ودعاؤه إلى قتله! فسيروه من البصرة!
وأخذوا عاملي عثمان بن حنيف الأنصاري غدرا فمثلوا به كل مثلة، ونتفوا كل شعرة في رأسه ووجهه! وقتلوا شيعتي طائفة صبرا، وطائفة غدرا، وطائفة عضوا بأسيافهم حتى لقوا الله!
فوالله لو لم يقتلوا منهم إلا رجلا واحدا لحل لي به دماؤهم ودماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل! دع أنهم قد قتلوا أكثر من العدة التي قد دخلوا بها عليهم، وقد أدال الله منهم، فبعدا للقوم الظالمين. فأما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله، وأما الزبير فذكرته قول رسول الله صلى الله عليه وآله إنك تقاتل عليا وأنت ظالم له! وأما عايشة فإنها كانت نهاها رسول الله صلى الله عليه وآله عن مسيرها، فعضت يديها نادمة على ما كان منها!
وقد كان طلحة لما نزل ذا قار قام خطيبا فقال: أيها الناس إنا أخطأنا في عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلا الطلب بدمه، وعلي قاتله وعليه دمه...!
فلما بلغني قوله وقول كان عن الزبير قبيح، بعثت إليهما أناشدهما بحق محمد وآله ما أتيتماني وأهل مصر محاصرو عثمان فقلتما: إذهب بنا إلى هذا الرجل فإنا لا نستطيع قتله إلا بك، لما تعلم أنه سير أبا ذر رحمه الله، وفتق عمارا، وآوى الحكم بن أبي العاص وقد طرده رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر، واستعمل الفاسق على كتاب الله الوليد بن عقبة، وسلط خالد بن عرفطة العذري على كتاب الله يمزقه ويحرقه، فقلت: كل هذا قد علمت ولا أرى قتله يومي هذا، وأوشك سقاؤه أن