لبريدة الأسلمي حين بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن، وقال: إذا افترقتما فكل واحد منكما على حياله وإذا اجتمعتما فعلي عليكم جميعا، فغزونا وأصبنا سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصفا، فأخذت الحنفية خولة، واغتنمها خالد مني وبعث بريدة إلى رسول الله محشرا علي، فأخبره بما كان من أخذي خولة فقال: يا بريدة حظه في الخمس أكثر مما أخذ، إنه وليكم بعدي! سمعها أبو بكر وعمر! وهذا بريدة حي لم يمت، فهل بعد هذا مقال لقائل.
فبايع عمر دون المشورة، فكان مرضي السيرة من الناس عندهم، حتى إذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الأمر عني، للذي قد رأى مني في المواطن، وسمع من رسول الله صلى الله عليه وآله، فجعلني سادس ستة! وأمر صهيبا أن يصلي بالناس، ودعا أبا طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له: كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبي أن يرضى من هؤلاء الستة!... (وقال) هؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عنهم راض، فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله عنهم ورسوله، إن هذا لأمر عجيب! ولم يكونوا لولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي، كانوا يسمعون وأنا أحاج أبا بكر وأقول: يا معشر قريش إنا أحق بهذا الأمر منكم ما كان منا من يقرأ القرآن ويعرف السنة ويدين بدين الله الحق، وإنما حجتي أني ولي هذا الأمر من دون قريش أن نبي الله صلى الله عليه وآله قال: الولاء لمن أعتق، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بعتق الرقاب من النار وأعتقها من الرق، فكان للنبي صلى الله عليه وآله ولاء هذه الأمة، وكان لي بعده ما كان له، فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبي صلى الله عليه وآله جاز لبني هاشم على قريش، وجاز لي على بني هاشم بقول النبي صلى الله عليه وآله يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، إلا أن تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبي صلى الله عليه وآله، فإن شاؤوا فليقولوا ذلك.
فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن آخذ بأنفاسهم وأعترض في حلوقهم، ولا يكون لهم في الأمر نصيب! فأجمعوا علي إجماع رجل واحد، حتى صرفوا الولاية عني إلى عثمان، رجاء أن ينالوها ويتداولوها في ما بينهم... فدعوني إلى بيعة عثمان