هذا أسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا. فيا عجبا والله يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم! فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون! فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر!! فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فإذا أنتم والله من السيف أفر! يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال! لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم! معرفة والله جرت ندما وأعقبت سدما! قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا، وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لاعلم له بالحرب! لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا، وأقدم فيها مقاما مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع). انتهى.
وأضاف في دعائم الإسلام في آخرها: 1 / 391: (أبدلني الله بكم من هو خير منكم، وأبدلكم بي من هو شر لكم. أصبحت والله لا أرجو نصركم ولا أصدق قولكم، وما سهم من كنتم سهمه إلا السهم الأخيب!
فقام إليه جندب بن عبد الله فقال: يا أمير المؤمنين هذا أنا وأخي أقول كما قال موسى: رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي، فمرنا بأمرك فوالله لنضربن دونك وإن حال دون ما تريده جمر الغضا وشوك القتاد. فأثنى عليهما علي صلوات الله عليه خيرا وقال: وأين تبلغان رحمكما الله مما أريد؟ ثم انصرف).
* *