معاوية! وبلغ الخبر عليا فخرج حتى أتى النخيلة، فقال له الناس: نحن نكفيك! قال: ما تكفونني ولا أنفسكم، وسرح سعيد بن قيس في أثر القوم، فخرج في طلبهم حتى جاز هيت فلم يلحقهم فرجع).
وفي نهج البلاغة: 4 / 62: (وقال عليه السلام لما بلغه إغارة أصحاب معاوية على الأنبار فخرج بنفسه ماشيا حتى أتى النخيلة، فأدركه الناس وقالوا يا أمير المؤمنين نحن نكفيكهم، فقال: والله ما تكفونني أنفسكم فكيف تكفونني غيركم! إن كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وإنني اليوم لأشكو حيف رعيتي، كأنني المقود وهم القادة، أو الموزوع وهم الوزعة! فلما قال عليه السلام هذا القول في كلام طويل قد ذكرنا مختاره في جملة الخطب، تقدم إليه رجلان من أصحابه فقال أحدهما: إني لا أملك إلا نفسي وأخي فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين ننفذ له. فقال: وأين تقعان مما أريد)! انتهى. والخطبة التي أشار إليها الشريف الرضي أوردها في نهج البلاغة: 1 / 67، وهي: (أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشملة البلاء، وديث بالصغار والقماءة، وضرب على قلبه بالأسداد، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف. ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم وملكت عليكم الأوطان. وهذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسان البكري وأزال خيلكم عن مسالحها! ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعاثها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام! ثم انصرفوا وافرين، ما نال رجلا منهم كلم، ولا أريق لهم دم! فلو أن امرأ مسلما مات من بعد