وقدم الطفلين فذبحهما (بيده بخنجر)! فقالت أمهما ترثيهما:
ها من أحس بنيي اللذين هما * سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف ها من أحس بنيي اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف ها من أحس بنيي اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا أنحى على ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الأمر مقترف من دل والهة حرى وثاكلة * على صبيين ضلا إذ غدا السلف ثم جمع بسر أهل نجران فقال: يا إخوان النصارى! أما والذي لا إله غيره لئن بلغني عنكم أمر أكرهه لأكثرن قتلاكم. ثم سار نحو جيشان، وهم شيعة لعلي، فقاتلهم فهزمهم وقتل فيهم قتلا ذريعا، ثم رجع إلى صنعاء.
وسار جارية بن قدامة السعدي حتى أتى نجران وطلب بسرا، فهرب منه في الأرض ولم يقم له، وقتل من أصحابه خلقا، وأتبعهم بقتل وأسر حتى بلغ مكة، ومر بسر حتى دخل الحجاز لا يلوي على شئ، فأخذ جارية بن قدامة أهل مكة بالبيعة، فقالوا: قد هلك علي فلمن نبايع؟ قال: لمن بايع له أصحاب علي بعده....
حدثني أبو خالد الوالبي قال: قرأت عهد علي لجارية بن قدامة:
أوصيك يا جارية بتقوى الله، فإنها جموع الخير، وسر على عون الله، فالق عدوك الذي وجهتك له، ولا تقاتل إلا من قاتلك، ولا تجهز على جريح، ولا تسخرن دابة وإن مشيت ومشى أصحابك! ولا تستأثر على أهل المياه بمياههم، ولا تشربن إلا فضلهم عن طيب نفوسهم، ولا تشتمن مسلما ولا مسلمة فتوجب على نفسك ما لعلك تؤدب غيرك عليه، ولا تظلمن معاهدا ولا معاهدة، واذكر الله ولا تفتر ليلا ولا نهارا، واحملوا رجالكم، وتواسوا في ذات أيديكم، وأجدد السير، وأجل العدو من حيث كان، واقتله مقبلا واردده بغيظه صاغرا، واسفك الدم في الحق واحقنه في الحق،