ويضيف البلاذري: (إن معاوية لما بويع وبلغه قتال علي أهل النهروان، كاتب وجوه من معه مثل الأشعث بن قيس وغيره، ووعدهم ومناهم وبذل لهم حتى مالوا إليه، وتثاقلوا عن المسير مع علي، كان يقول فلا يلتفت إلى قوله، ويدعو فلا يسمع لدعوته! فكان معاوية يقول: لقد حاربت عليا بعد صفين بغير جيش ولا عناء أو قال: ولا عتاد!
ثم وصف البلاذري استعدادات معاوية وإطاعة أهل الشام له فقال: (لما بلغ معاوية أن عليا يدعو الناس إلى غزوه وإعادة الحرب بينه وبينه، هاله ذلك فخرج من دمشق معسكرا، وبعث إلى نواحي الشام الصرخاء ينادون أن عليا قد أقبل إليكم ظالما ناكثا باغيا، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، فتجهزوا رحمكم الله للحرب بأحسن الجهاز، وكتب إليهم كتبا قال فيها: إنا كنا كتبنا بيننا وبين علي كتابا واشترطنا فيه شروطا، وحكمنا الرجلين ليحكما بحكم الكتاب علينا، وإن حكمي أثبتني وخلعه حكمه، وقد أقبل إليكم ظالما ناكثا باغيا، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، فتجهزوا رحمكم الله للحرب بأحسن الجهاز، واستعدوا لها بأكمل العدة، وانفروا خفافا وثقالا! فاجتمعوا له من كل أوب، وأرادوا المصير إلى صفين ثانية، حتى بلغهم اختلاف أصحاب علي، وكتب إليه بذلك عمارة بن عقبة، فعسكر ينتظر ما يكون، إلى أن جاءه خبر مقتله عليه السلام).
* *