ومعنى قول قيس رحمه الله: (من فل عثمان) أي من فلول الخليفة الهاربين بعد قتله جاؤوا يطلبون ملجأ في مصر! قال ذلك ليتخلص من تلك الحامية التي كانت موالية لعثمان! فلما دخل إلى مصر أظهر أمره، كما ذكر ابن خلدون وغيره.
ومعنى قولهم (ما لم يقد إخواننا)، أي نحن مع علي ما لم يقتص من المصريين الذين شاركوا في حصار عثمان وقتلة.
وقد نشطت المجموعة العثمانية في مصر، وكانوا بقيادة مسلمة بن مخلد، ومعاوية بن حديج، وبسر بن أرطاة، وسيطروا على قرية خربتا، وراسل معاوية قيس بن سعد، واستطاع أن يسكته عنهم، فكانوا دولة داخل الدولة، فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام إلى سعد أن يعرض عليهم الدخول في الطاعة أو يناجزهم فلم يفعل قيس!
أمام ذلك بعث أمير المؤمنين عليه السلام محمد بن أبي بكر حاكما على مصر فتسلم ولايتها من قيس وأخذ يعالج وضعها، وكان جماعة معاوية وصلوا إلى عشرة آلاف مقاتل! وتسارعت الأحداث في مصر ضد محمد بن أبي بكر رحمه الله وخاض صراعا سياسيا مع جماعة معاوية، ثم خاض معهم مواجهات عسكرية.
ومع تفاقم الخطر على محمد، بادر أمير المؤمنين عليه السلام إلى إرسال شخصية قوية في الإدارة والحرب، هو مالك الأشتر رحمه الله، لكن معاوية وعمرا دبرا له السم عند مشارف القاهرة، فاستشهد رحمه الله قبل أن يتسلم عمله من محمد بن أبي بكر.
وقام معاوية بإرسال جيش إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص، للسيطرة عليها وجعلها طعمة لابن العاص كل حياته، كما كان شرط له!
قال اليعقوبي في تاريخه: 2 / 193: (ووجه معاوية بن أبي سفيان عمرو بن العاص على مصر على شرط له، فقدمها سنة 38، ومعه جيش عظيم من أهل الشأم،