حتى رأيت أبا اليقظان منتصبا * لله در أبي اليقظان عمار ما زال يقرع منك العظم منتقيا * مخ العظام بحق غير إنكار حتى رمى بك في بحر له لجج * يرمي بك الموج في لج من النار قال: وقد كان مع معاوية رجل من حمير يقال له: الحصين بن مالك، وكان يكاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويدله على عورات معاوية، وكان له صديق من أصحاب معاوية يقال له الحارث بن عوف السكسكي، فلما كان ذلك اليوم قال الحصين بن مالك للحارث بن عوف: يا حارث إنه قد آتاك الله ما أردت، هذا عمرو وعمار وأبو نوح وذو الكلاع قد التقوا، فهل لك أن تسمع من كلامهم؟ فقال الحارث بن عوف: إنما هو حق وباطل، وفي يدي من الله هدى، فسر بنا يا حصين. قال: فجاء الحصين والحارث حتى سمعا كلام عمرو وعمار، فلما سمع الحارث بن عوف كلام عمار وتظاهر الحجة على عمرو بقي متحيرا، فقال له الحصين: ما عندك الآن يا حارث؟ فقال الحارث: ما عندي وقعة والله بين العار والنار، ووالله لا أقاتل مع معاوية بعد هذا اليوم أبدا! فقال له: ولا أنا أقاتل عليا بعد هذا اليوم أبدا. قال: ثم هربا من عسكر معاوية جميعا فصار أحدهم إلى حمص وأظهر التوبة، وصار الحارث بن عوف إلى مصر تائبا من قتال علي رضي الله عنه، وأنشأ يقول:
قال الحصين ولم أعلم بنيته * يا حار هل لك في عمرو وعمار يا حار هل لك في أمر له نبأ * فيه شريكان من عوف وإنكار فاسمع وتسمع ما يأتي العيان به * إن العيان شفاء النفس يا حار لما رأيت لجاج الأمر قلت له * قولا ضعيفا نعم والكره إضماري سرنا إلى ذلك المرأتين مع نفر * شم كرام وجدنا زندهم واري لما تشهد عمرو قال صاحبه * أسكت فإنك من ثوب الهدى عاري