وقال ابن كثير في النهاية: 7 / 301: (وتوجه النصر لأهل العراق على أهل الشام، وذلك أن الأشتر النخعي صارت إليه إمرة الميمنة، فجعل بمن فيها على أهل الشام وتبعه علي فتنقضت غالب صفوفهم وكادوا ينهزمون، فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح وقالوا: هذا بيننا وبينكم قد فني الناس فمن للثغور؟ ومن لجهاد المشركين والكفار).
وفي تاريخ اليعقوبي: 2 / 188: (وزحف أصحاب علي وظهروا على أصحاب معاوية ظهورا شديدا حتى لصقوا به، فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه، فقال له عمرو بن العاص: إلى أين؟ قال: قد نزل ما ترى، فما عندك؟ قال: لم يبق إلا حيلة واحدة أن ترفع المصاحف فتدعوهم إلى ما فيها، فتستكفهم وتكسر من حدهم وتفت في أعضادهم. قال معاوية: فشأنك! فرفعوا المصاحف ودعوهم إلى التحكم بما فيما، وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله! فقال علي: إنها مكيدة، وليسوا بأصحاب قرآن! فاعترض الأشعث بن قيس الكندي، وقد كان معاوية استماله وكتب إليه ودعاه إلى نفسه، فقال: قد دعا القوم إلى الحق! فقال علي: إنهم إنما كادوكم وأرادوا صرفكم عنهم. فقال الأشعث: والله لئن لم تجبهم انصرفت عنك. ومالت اليمانية مع الأشعث، فقال الأشعث: والله لتجيبنهم إلى ما دعوا إليه، أو لندفعنك إليهم برمتك! فتنازع الأشتر والأشعث في هذا كلاما عظيما حتى كاد أن يكون الحرب بينهم، وحتى خاف علي أن يفترق عنه أصحابه!
فلما رأى ما هو فيه أجابهم إلى الحكومة، وقال علي: أرى أن أوجه بعبد الله بن عباس. فقال الأشعث: إن معاوية يوجه بعمرو بن العاص، ولا يحكم فينا مضريان، ولكن توجه أبا موسى الأشعري، فإنه لم يدخل في شئ من الحرب. وقال علي: إن أبا موسى عدو وقد خذل الناس عني بالكوفة ونهاهم أن يخرجوا معي! قالوا: لا نرضى بغيره)! انتهى.