الجيشين، والذي أرجحه أنه لم يكن بينهم قبل صفر معركة إلا على الماء، وأن أمير المؤمنين عليه السلام تعمد تأخير المعركة ليقوم بعمله في إتمام الحجة على معاوية وأهل الشام، وتوعية أصحابه ورفع مستواهم، وأن أول أيام المعركة كان يوم الأربعاء أول شهر صفر سنة 37. ويدل على ذلك أن جيش الإمام عليه السلام ضجروا وشكوا له طول المقام وعدم إذنه عليه السلام لهم ببدء الحرب كما تقدم.
وفي شرح النهج: 4 / 13: (لما ملك أمير المؤمنين عليه السلام الماء بصفين ثم سمح لأهل الشام بالمشاركة فيه والمساهمة رجاء أن يعطفوا إليه، واستمالة لقلوبهم وإظهارا للمعدلة وحسن السيرة فيهم، مكث أياما لا يرسل إلى معاوية، ولا يأتيه من عند معاوية أحد، واستبطأ أهل العراق إذنه لهم في القتال، وقالوا: يا أمير المؤمنين خلفنا ذرارينا ونساءنا بالكوفة، وجئنا إلى أطراف الشام لنتخذها وطنا! إئذن لنا في القتال فإن الناس قد قالوا! قال لهم عليه السلام: ما قالوا؟ فقال منهم قائل: إن الناس يظنون أنك تكره الحرب كراهية للموت، وإن من الناس من يظن أنك في شك من قتال أهل الشام! فقال عليه السلام: ومتى كنت كارها للحرب قط! إن من العجب حبي لها غلاما ويفعا، وكراهيتي لها شيخا بعد نفاد العمر وقرب الوقت! وأما شكي في القوم، فلو شككت فيهم لشككت في أهل البصرة! والله لقد ضربت هذا الأمر ظهرا وبطنا، فما وجدت يسعني إلا القتال أو أن أعصي الله ورسوله، ولكني أستأني بالقوم عسى أن يهتدوا أو تهتدي منهم طائفة، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي يوم خيبر: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس).
ويؤيد ذلك أن الرويات التي ذكرت قتالا في ذي الحجة لم تذكر غير القتال على الماء، وقد تكون أحداثه وحربه استغرقت بضعة أيام.
ولعل أصل الروايات التي تذكر أن شهر ذي الحجة كان كله قتالا، قول نصر ص 196 في سياق الحرب على الماء: (فاقتتل الناس ذا الحجة كله، فلما مضى ذو