وإن تبرع بالإنفاق من غير إذن الحاكم لم يكن له الرجوع، وعلى ما اخترناه من أنه لا يجبر فمتى أنفق الشريك كان متبرعا وليس له منع شريكه من الاستيفاء لأن الماء الذي فيها ينبع من ملكهما جميعا فهو بينهما نصفين وليس للمنفق فيه عين مال، وإنما له أثر إلا أن يكون الحبل والدلو والبكرة له فيكون له منعه من الاستيفاء بهذه الآلات فإن استأنف الشريك لنفسه آلة لم يكن له منعه من الاستيفاء فأما إذا كان ذلك بين صاحب السفل والعلو فإذا انهدم صاحب (1) السفل فمن قال، يجبر على الانفاق قال: أجبره الحاكم على إعادة الحيطان كما كانت من مال نفسه، وإن امتنع أنفق الحاكم على إعادة الحيطان كما كانت من ماله، وإن لم يظهر له مال أذن لصاحب العلو في بناء حيطان السفل، وتكون النفقة في ذمة صاحب السفل وتكون الحيطان له دون صاحب العلو لأنه بناها بإذن الحاكم ثم يعيد هو عليه حقه من الغرفة، وتكون نفقة الغرفة وحيطانها من ماله دون مال صاحب السفل ويكون السقف بينهما ويرجع بنصف نفقة السقف على صاحب السفل وينتفع صاحب السفل بالحيطان لأنها له، وإن كان بناها صاحب العلو لأنه بناها له، وإن بناها صاحب العلو متبرعا من غير إذن الحاكم لم يرجع على صاحب السفل بشئ سواء قيل: بأنه يجبر صاحب السفل على البناء أو لا يجبر، ونظر فإن كان بناها بآلة الحيطان المنهدمة كانت الحيطان لصاحب السفل لأن الآلة كلها له، ولم يكن لصاحب العلو منعه من الانتفاع بها وليس له نقضها لأنها لصاحب السفل وكان له إعادة حقه من الغرفة. فإن كان صاحب العلو بناها بآلة جديدة فالحيطان لصاحب العلو، وليس لصاحب السفل أن ينتفع بها إلا بإذن صاحب العلو ولكن له أن يسكن في السفل، وليس لصاحب العلو منعه من سكناها وإنما له أن ينتفع بالحيطان بأن يغرز فيها وتدا أو يفتح فيها كوة.
وأما سكناه في السفل فليس بانتفاع بالحيطان، وإن كان انتفاعا فليس مما فيه ضرر، وإنما هو بمنزلة استناد أحد الشريكين في الحايط إلى الحايط، وكالمشي في ضوئه.