أحدهما: أن الصلح باطل.
والثاني: أنه جايز وهو الأولى لأنه حصل في أرض هي ملكه فكان بمنزلة ما لو ملك الأرض والزرع، ومن قال: بالأول قال: هذا ليس بصحيح (1) لأنه إذا ملك الأرض والزرع كان الزرع تابعا للأرض فلذلك صح فيه، وهاهنا الزرع مفرد (2) عن الأرض فلم يصح فيه الصلح مطلقا.
وإذا ادعى رجل على رجلين زرعا فأقر أحدهما بنصيبه له ثم صالحه على ذلك وهو نصف الزرع فإنه ينظر فإن كانت مطلقا من غير شرط القطع فإن كانت الأرض لغير المشتري لم يصح الصلح وإن كانت الأرض له فعلى الوجهين على ما مضى.
وإذا صالحه بشرط القطع لم يصح لأن قطع نصفه لا يمكن فإن لكل واحد منهما حقا في كل طاقة منه ولا يصح قسمته وقطع نصفه لأن قسمة الزرع لا تصح، ولا يصح أن يقاسمه ثم يقطعه لأن قسمة الزرع قبل الحصاد لا تصح ولا تضبط.
إذا ادعى رجل دارا في يد رجلين فأقر له أحدهما بحصته منها وأنكر الآخر فقد جعلنا القول قوله مع يمينه فحلف واستحق النصف ثم إن المقر له صالح المدعي من النصف الذي أقر له به على مال يدفعه إليه كان ذلك جايزا ويكون قد اشترى من المدعي نصف هذه الدار.
فإذا ثبت هذا فهل يرجع المنكر على المقر بالشفعة في النصف الذي ملكه بعقد الصلح أم لا؟ ينظر فإن كان قد تقدم منه إقرار بأن هذا المدعي لا حق له فيما يدعيه من الدار بوجه لم يكن له أن يأخذ النصف بالشفعة لأنه قد أقر بأن شريكه يستحقه لا بالصلح وأن النصف باق على ملكه كما كان، وإن كان لم يتقدم منه (3) إقرار بذلك كان له أن يأخذ منه بالشفعة.