فيأخذه ويقسمه بينهم، وإن كانت الجناية عمدا توجب القصاص فإنه مخير بين أن يقتص وبين أن يعدل عن القصاص إلى الأرش إذا بذل له الجاني وليس للغرماء يجبرونه على الأرش لأن العفو عن القصاص واختيار الأرش يصرف في كسب المال، ولا يجبر المفلس على تكسب المال ولا على جمعه. فإذا ثبت هذا فإن قال: عفوت مطلقا لم يثبت له الأرش، وإن عفى بشرط المال سقط حقه من القصاص ويثبت له الأرش لأنه شرط إذا بذل له الجاني، وإن قال: عفوت على غير المال سقط حقه من القصاص ولم يثبت له الأرش مثل المطلق سواء، ومن قال: إن الواجب أحد الأمرين: إما القصاص و إما الأرش فإذا قال: عفوت عن القصاص أسقط القصاص وأثبت لنفسه المال. فإذا قال:
على غير مال يريد اسقاط ماله ثبت له هذا، وهذا لا يجوز للمفلس فعله فيجبر على أخذ المال وقسمته بين الغرماء، وعلى ما قلناه إذا عفى على مال لم يكن له بعد ذلك إسقاطه المال لأنه تعلق به حق الغرماء.
وإذا مات انسان وعليه ديون مؤجلة حلت عليه بموته، وإن كانت له ديون مؤجلة فإنها لا تحل عليه، وقد روي أنها تحل (1).
إذا أفلس من عليه الدين وكان ما في يده لا يفي بقضاء ديونه فإنه لا يواجر ليكسب ويدفع إلى الغرماء لأنه لا دليل عليه، وقد روي أن أمير المؤمنين، عليه أفضل الصلاة والسلام - قضى فيمن كان حبسه وتبين إفلاسه فقال لغرمائه: إن شئتم آجروه وإن شئتم استعملوه فعلى هذه الرواية يجبر على التكسب والأول أصح.
ولا خلاف أنه [لا] يجب عليه قبول الهبات والوصايا والاحتشاش والاحتطاب والاصطياد والاغتنام والتلصص في دار الحرب وقتل الأبطال وسلبهم ثيابهم وسلاحهم ولا تؤمر المرأة بالتزويج لتأخذ المهر وتقضي الديون، ولا يؤمر الرجل بخلع زوجته فيأخذ عوضه لأنه لا دليل على شئ من ذلك، والأصل براءة الذمة.