وكانت أقل لم يكن للمجني عليه أكثر منها لأن حقه في العين وحدها وإن كانت القيمة أكثر من الأرش فإنه يدفع منها قدر الأرش والباقي يكون أسوة بين الغرماء.
إذا اشترى حبا فزرعه واشترى ماء فسقى زرعه وثبت ثم أفلس فإن صاحب الحب والماء يضربان مع سائر الغرماء بحقهما وهو ثمن الحب وثمن الماء، ولا حق لهما في عين الزرع لأنه لا عين لهما موجودة، وإن كان قديما ويكون بمنزلة من اشترى دقيقا فأطعمه عبدا له حتى كبر وسمن ثم أفلس بثمن الدقيق فإنه لا حق لصاحب الدقيق في عين العبد لأنه ليست له عين مال موجودة ويضرب بثمنه مع سائر الغرماء، وعلى هذا لو اشترى بيضة وتركها تحت دجاجة حتى حضنتها وصارت فروخا لا يرجع بعينها ويضرب بثمنها مع الغرماء.
وأما الكلام في جنسه فإن الانسان إذا ارتكبه (1) الديون لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون في يده مال ظاهر أو لا يكون له في يده مال ظاهر. فإن كان في يده مال ظاهر وجب عليه أن يبيعه ويقضي به ديونه من ثمنه فإن امتنع من ذلك فالحاكم فيه بالخيار إن شاء حبسه على ذلك وعزر [ه] إلى أن يبيعه وإن شاء باعه بنفسه عليه من غير استيذانه لقول النبي صلى الله عليه وآله: مطل الغني ظلم (2)، وقوله: لي الواجد [بالدين] يحل عرضه وعقوبته (3) اللي: المطل، والعقوبة هاهنا التعزير والحبس، وإخلال الغرض أن يقول الغرماء له: يا ظالم، وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: لصاحب الحق اليد واللسان وكل هذا يدل على وجوب بيع ماله وقضاء ديونه وأخبارنا في ذلك أوردناها في كتب الأخبار، وإن لم يكن له مال ظاهر وادعى الإعسار وكذبه الغرماء فلا يخلو إما أن يعلم أنه كان له أصل مال أو كان الذي عليه ثبت من جهة معاوضته وادعى تلفه و ضياعه أو لا يعلم له أصل مال.
فإن كان قد علم له أصل مال فإن القول قول الغرماء مع أيمانهم لأن الأصل.