الغرماء كانت قسمته أولى من تأخيره لأنه يخاف عليه التف، وإذا دفع إلى الغرماء سقط الدين وبرئت ذمته فالتقديم أولى، وإن كان ما يحصل يسيرا ويحتاج إلى جمعه حتى يحصل منه (1) ما يمكن تفرقته وقسمته فإنه ينظر فإن كان يمكن أن يجعل قرضا في ذمة ثقة ملي كان أولى من جعله وديعة في يده لأن الوديعة يتلف من غير ضمان والقرض مضمون على المستقرض، وإن لم يجد من يستقرضه جعله وديعة لأنه موضع الحاجة.
وإذا دفع رجل إلى الحاكم وسأل الحجر عليه فلا يجيبهم إلى مسألتهم (2) إلا بعد أن يثبت عليه الديون لأن سبب الحجر هو الدين فلا يجوز إلا بعد ثبوته، وثبوت الدين بأحد شيئين: إما بإقرار من عليه الدين أو ببينة وهي شاهدان عدلان أو شاهد واحد وامرأتان أو شاهد ويمين.
فإذا ثبت الدين فلا يبتدء الحاكم بالحجر إلا بعد مسألة الغرماء فإن سئلوا الحجر عليه واختلفوا فإنه يحجر عليه، ويقبل ممن يطالب بالحجر لأن الحق لهم فلا يجز الحكم به إلا بعد مسألتهم فإذا سألوه لم يخل ماله من أحد أمرين: إما أن لا يفي بقضاء ديونه أو يفي فإن لم يف فإن الحاكم يحجر عليه، ومعرفة عجز ماله أن يقابل المال الذي في يده بالديون التي في ذمته. فإن كانت الديون أكثر تبين أن ماله لا يفي بقضائها، وهل يحسب الأعيان التي هي معوضات الديون في يده من جملة المال أم لا: قيل فيه وجهان:
أحدهما: لا يحسب الدين الذي هو معوضة في يده من جملة الديون ولا يحسب [يحتسب خ ل] معوضة من جملة المال ويحسب ما سوى ذلك.
والثاني: يحسب جميع الديون ويقابلها بسائر ماله سواء كانت معوض بعضها موجودا في ماله أو لم يكن، وإذا ثبت الوجهان فكل من وجد من الغرماء عين ماله كان أحق به، وإن أراد أن يضرب بدينه مع الغرماء ويترك العين كان له ذلك على ما مضى